Solar Solutions

أسعار السيارات الكهربائية في سوريا: تحليل شامل للواقع والتحديات والآفاق المستقبلية

1. مقدمة: السيارات الكهربائية – هل هي خيار واقعي في سوريا اليوم؟

يشهد العالم تحولاً متسارعاً نحو اعتماد السيارات الكهربائية، مدفوعاً بتزايد الوعي البيئي، والتقدم التكنولوجي المذهل في أداء البطاريات، بالإضافة إلى الدعم الحكومي المتزايد في العديد من الدول. وتشير التوقعات إلى أن السيارات الكهربائية ستشكل نسبة كبيرة من مبيعات السيارات الجديدة على مستوى العالم بحلول عام 2030. وفي خضم هذا التحول العالمي، بدأت السيارات الكهربائية تشق طريقها إلى السوق السورية، مُحدثةً جدلاً ونقاشاً واسعاً حول مدى واقعية هذا الخيار في ظل الظروف الراهنة.  

لقد أثارت صور ومقاطع الفيديو لشحنات من السيارات الكهربائية وهي تعبر الحدود السورية أو تتواجد في صالات العرض اهتماماً ملحوظاً، خاصة وأن البلاد تعاني من أزمة محروقات خانقة وارتفاع مستمر في أسعارها. هذا الاهتمام لم يقتصر على كونه مواكبة لتوجه عالمي، بل ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالبحث عن بدائل عملية واقتصادية لمشكلة الوقود التي أرهقت كاهل المواطنين. ويُعد الارتفاع الملحوظ في أعداد السيارات الكهربائية المسجلة في مديرية نقل دمشق خير دليل على هذا الاهتمام المتزايد، حيث سُجل ارتفاع بنسبة 110% خلال عام 2024، بواقع 281 سيارة كهربائية مقارنة بـ 57 سيارة فقط في العام السابق.  

ومع ذلك، فإن سعر السيارة الكهربائية في سوريا ليس مجرد رقم ثابت يُعلن عنه، بل هو محصلة لمجموعة معقدة من العوامل تشمل الرسوم الجمركية، تكاليف الاستيراد، أسعار الصرف، وخطط التجميع المحلي المحتملة. لذا، يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل شامل ومفصل لهيكل أسعار السيارات الكهربائية في سوريا، والعوامل المؤثرة عليها، مع مقارنة تكاليف تشغيلها بسيارات البنزين التقليدية، وتسليط الضوء على التحديات الجوهرية التي تواجه انتشارها والفرص المتاحة، وذلك استناداً إلى أحدث البيانات والمعلومات المتوفرة للفترة 2024-2025. ففي حين أن الدافع الاقتصادي المتمثل في أزمة المحروقات قد يكون المحرك الأساسي لهذا الاهتمام، يبقى التساؤل المحوري: هل البنية التحتية الحالية والبيئة التشريعية في سوريا قادرة على دعم هذا الاهتمام المتزايد وتحويله إلى تبني واسع النطاق لهذه التكنولوجيا الواعدة؟

2. أسعار أبرز موديلات السيارات الكهربائية المتوفرة في سوريا (2024-2025)

يشهد سوق السيارات الكهربائية الناشئ في سوريا عرض مجموعة متنوعة من الموديلات، معظمها من مصنعين صينيين، بالإضافة إلى ظهور بعض العلامات التجارية العالمية الأخرى. تتفاوت الأسعار بشكل كبير بناءً على العلامة التجارية، والمواصفات، وحجم البطارية، ومدى القيادة، وكذلك قنوات البيع.

من بين أبرز الموديلات التي تم رصدها في السوق السورية أو التي يُروج لها:

سكاي ويل (Skywell): تبدأ أسعارها من حوالي 26,500 دولار أمريكي، وقد تصل إلى 35,000 دولار لبعض الطرازات مثل ET5. وذكرت وكالة “سيفنتي سفن” هذا النطاق السعري.  

أفاتار (Avatar) (مطورة من هواوي): يتراوح سعرها المعلن في وكالة “سيفنتي سفن” حوالي 60,000 دولار أمريكي. بينما تشير قوائم أسعار من منصات تجارية دولية إلى أسعار قد تبدأ من حوالي 39,800 دولار لموديلات مثل Avatar 11 و Avatar 12. هذا التفاوت يعكس على الأرجح تكاليف الاستيراد الإضافية وهوامش ربح الوكلاء المحليين.  

بي واي دي (BYD): تعتبر من العلامات التجارية الصينية البارزة عالمياً، وتتوفر عدة موديلات منها أو يُتوقع توفرها بأسعار تتراوح بين 16,000 دولار لطراز Qin Plus SUV، وتصل إلى حوالي 35,000 دولار لطراز Han EV. موقع “SyriaCars.net” يدرج عدة سيارات BYD، من بينها طراز Yuan Plus.  

فولكس فاجن (Volkswagen): يبرز طراز ID.4 الذي تشير بعض المصادر إلى توفره بسعر يبدأ من 25,000 دولار ، بينما يدرج موقع “SyriaCars.net” سيارة ID.4 واحدة دون تحديد سعر. كما يظهر طراز e-Golf بشكل محدود.  

هوندا (Honda): لوحظ عرض طراز CR-V جديد (قد يكون كهربائياً بالكامل أو هجيناً) موديل 2024 بسعر 38,500 دولار وموديل 2025 بسعر 38,000 دولار في دمشق. كما يدرج موقع “SyriaCars.net” طراز Honda e دون تحديد سعر.  

تسلا (Tesla): يظهر طراز Model Y بشكل محدود جداً على منصات البيع المحلية ، علماً بأن أسعاره العالمية تبدأ من حوالي 46,630 دولار أمريكي.  

كيا (Kia) وفورد (Ford): تظهر موديلات مثل Kia EV6 و Ford Mustang Mach-E بشكل محدود على منصات البيع ، وأسعارها العالمية مرتفعة نسبياً.  

بشكل عام، تتراوح أسعار السيارات الكهربائية في سوريا، حسب تصريحات بعض الخبراء ومسؤولي النقل، بدءاً من 200 مليون ليرة سورية، وتعتمد على قدرة الشحن، والاستطاعة، والشركة المصنعة. وقد تصل أسعار بعض السيارات الفاخرة التي يقتنيها من يوصفون بـ “الأبناء المدللين” إلى 300 مليون ليرة سورية.  

لتوفير نظرة أوضح، يعرض الجدول التالي أسعاراً تقديرية ومواصفات لبعض السيارات الكهربائية التي قد تكون متوفرة أو مرتقبة في السوق السورية، مع تحويل الأسعار إلى الليرة السورية باستخدام سعر صرف تقريبي يبلغ 9500 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد (وفقاً لبيانات السوق الموازية في دمشق، مايو 2025 )، مع التنويه بأن هذا السعر متغير.  

جدول 1: أسعار ومواصفات تقديرية لسيارات كهربائية مختارة في سوريا (2024-2025)

اسم الطرازالشركة المصنعةالسعر التقديري (دولار أمريكي)السعر التقديري (ليرة سورية)*مدى القيادة (كم)أبرز المواصفات (حجم البطارية، قوة المحرك)مصدر السعر/الوكيل المحتمل
Skywell ET5Skywell$26,500 – $35,000251,750,000 – 332,500,000400-520 (حسب الفئة)72 kWh (Luxury)وكالة “سيفنتي سفن”
Avatar 11/12هواوي/شانجان$39,800 – $60,000378,100,000 – 570,000,000555-700 (حسب الفئة)90-116 kWhوكالة “سيفنتي سفن” (للسعر الأعلى) , منصات دولية
BYD Song Plus EVBYD$20,000 – $20,800190,000,000 – 197,600,000505-60571.7-87 kWhمنصات دولية
BYD Qin Plus EVBYD$16,000 – $20,000152,000,000 – 190,000,000420-61048-72 kWhمنصات دولية
VW ID.4Volkswagen$25,000 – $35,000 (أسعار دولية للموديلات الصينية)237,500,000 – 332,500,000400-60052-77 kWhمنصات دولية
Honda CR-V (كهربائية/هجينة)Honda$38,000 – $38,500361,000,000 – 365,750,000(غير محدد بدقة)(غير محدد بدقة)Syriacars.net

تم التحويل بناءً على سعر صرف 1 دولار أمريكي = 9500 ليرة سورية (مايو 2025، سعر السوق الموازية ). هذا السعر خاضع للتغيير.  

يُلاحظ هيمنة السيارات الصينية على قائمة الموديلات ذات الأسعار المعلنة، وهو ما يتماشى مع التوجه الحكومي نحو تسهيل استيراد الطرازات من الصين والهند لسد الفجوة بين الابتكار العالمي والتطبيق المحلي. كما أن الأسعار المعروضة على المنصات التجارية الدولية (مثل Made-in-China.com) تكون عادةً أسعار تصدير أو جملة، ولا تشمل تكاليف الشحن والجمارك والضرائب المحلية وهوامش ربح المستوردين، مما يعني أن السعر النهائي للمستهلك في سوريا سيكون أعلى.  

3. تشريح سعر السيارة الكهربائية في سوريا: العوامل الرئيسية

يتأثر السعر النهائي للسيارة الكهربائية الذي يدفعه المستهلك في سوريا بعدة عوامل رئيسية، تتجاوز سعرها الأساسي في بلد المنشأ.

الرسوم الجمركية والضرائب: يُعد المرسوم رقم 240 لعام 2024 نقطة تحول هامة، حيث نص على تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المجمعة محلياً إلى 10%، وعلى السيارات المستوردة إلى 20%. يمثل هذا التخفيض حافزاً حكومياً واضحاً لتشجيع التحول نحو النقل الأخضر. ومع ذلك، أفادت بعض المصادر، مثل وكالة “سيفنتي سفن”، بوجود رسوم جمركية موحدة إضافية بقيمة 2500 دولار أمريكي تُضاف إلى سعر السيارة. هذه الرسوم الثابتة، إذا كانت تُطبق بشكل عام بالإضافة إلى النسبة المئوية، قد تجعل السيارات الكهربائية الأقل سعراً (الاقتصادية) أقل جاذبية نسبياً، حيث تشكل هذه الرسوم نسبة أكبر من سعرها الإجمالي مقارنة بالسيارات الفاخرة. فعلى سبيل المثال، سيارة بسعر 20,000 دولار ستخضع لجمارك بنسبة 20% (4000 دولار) بالإضافة إلى 2500 دولار، لتصبح الزيادة الإجمالية 6500 دولار (32.5% من السعر الأصلي). أما سيارة بسعر 60,000 دولار، فستخضع لجمارك 12,000 دولار بالإضافة إلى 2500 دولار، لتكون الزيادة 14,500 دولار (24.1% من السعر الأصلي)، مما يوضح أن التأثير النسبي للرسم الثابت أكبر على السيارات الأرخص. بالإضافة إلى ذلك، هناك ضرائب أخرى محتملة مثل ضريبة القيمة المضافة وضريبة جدول ، ورسوم تسجيل وترخيص المركبات المحددة في القانون رقم 21 لعام 2022 ، والتي تعتمد على قيمة المركبة ورسومها الجمركية، وإن لم يفصل القانون بشكل خاص للسيارات الكهربائية بعد صدور المرسوم 240.  

تكاليف الاستيراد والشحن: إلى جانب الرسوم الجمركية، يتحمل المستوردون تكاليف شحن السيارات من بلد المنشأ (غالباً الصين في حالة العديد من الموديلات المتوفرة) إلى الموانئ السورية، بالإضافة إلى تكاليف التأمين على الشحنات وعمليات التخليص الجمركي والمينائي. هذه التكاليف تُضاف حتماً إلى السعر الأساسي للسيارة قبل عرضه على المستهلك.  

أسعار الصرف وتأثيرها على التكلفة النهائية بالليرة السورية: تُقوّم معظم السيارات الكهربائية المستوردة بالدولار الأمريكي في مراحلها الأولى. ونظراً للتقلبات الكبيرة والمستمرة في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، فإن السعر النهائي الذي يدفعه المستهلك بالعملة المحلية يتأثر بشكل مباشر وحاسم. فوجود أسعار صرف متعددة في السوق (السعر الرسمي، سعر المصرف المركزي، سعر السوق الموازية الذي قد يصل إلى 9500 ليرة للدولار في دمشق بتاريخ مايو 2025 ، أو حتى أسعار أعلى على منصات أخرى ) يزيد من حالة عدم اليقين ويجعل التخطيط المالي لشراء سيارة كهربائية أمراً صعباً، حيث يمكن أن يتغير سعرها بالليرة بشكل كبير خلال فترة قصيرة.  

خطط التجميع المحلي وأثرها المحتمل على الأسعار: أعلنت وزارة الصناعة السورية عن خطط طموحة لتصنيع وتجميع السيارات الكهربائية محلياً، مشيرة إلى وجود خمس شركات قائمة ومرخصة للقيام بذلك، بهدف تخصيص 10% من الإنتاج للسوق المحلي وتصدير 90%، مع الاعتماد على تمويل خارجي لاستيراد المكونات. وتُعد الشركة السورية الإيرانية لتصنيع السيارات “سيامكو” من بين اللاعبين المحتملين في هذا المجال. ويهدف تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات المجمعة محلياً إلى 10% إلى تشجيع هذا التوجه. ومع ذلك، تواجه خطط التجميع المحلي تحديات كبيرة، أبرزها تأمين القطع الأجنبي اللازم لاستيراد مكونات التجميع (نظام CKD)، والحاجة إلى بنية تحتية صناعية داعمة، واستقرار اقتصادي عام. إن نجاح هذه الخطط وتأثيرها الإيجابي المأمول على خفض الأسعار للمستهلك يعتمد بشكل كبير على تجاوز هذه العقبات. فإذا لم يتم تأمين التمويل اللازم للمكونات بشروط ميسرة، ولم يتم توفير بيئة استثمارية مستقرة، قد لا تتحقق الوفورات السعرية المرجوة من التجميع المحلي، أو قد يتأخر تأثيرها بشكل كبير.  

يبقى الغموض يكتنف هيكل التكلفة الكلي للسيارة الكهربائية في سوريا. فبينما يوفر المرسوم 240 وضوحاً نسبياً بشأن الرسوم الجمركية الأساسية، فإن التكاليف الإضافية المتعددة تجعل السعر النهائي للمستهلك غير شفاف بالكامل. ويبقى التساؤل مطروحاً حول المدى الذي يمكن أن يساهم به التجميع المحلي فعلياً في خفض الأسعار في ظل الضغوط الاقتصادية الراهنة.

4. مقارنة تكاليف التشغيل: كهرباء أم بنزين في سوريا؟

تعتبر تكاليف التشغيل عاملاً حاسماً في قرار شراء أي سيارة، وفي حالة السيارات الكهربائية، تكتسب هذه المقارنة أهمية خاصة نظراً للسعر الأولي المرتفع نسبياً.

تكلفة شحن السيارات الكهربائية: تعتمد تكلفة الشحن بشكل أساسي على مصدر الكهرباء وسعرها. بالنسبة لأسعار الكهرباء في سوريا، ووفقاً لأحدث البيانات المتاحة من المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء (حتى تاريخ هذا التقرير)، فإن التعرفة المنزلية تتدرج بشرائح استهلاك، حيث تبدأ من 1 ليرة سورية للكيلوواط الساعي للشريحة الأولى (حتى 600 كيلوواط ساعي شهرياً) وتتصاعد لتصل إلى 29 ليرة سورية للكيلوواط الساعي للشريحة التي تتجاوز 2500 كيلوواط ساعي شهرياً. أما التعرفة التجارية، فتبلغ حوالي 29 ليرة سورية للكيلوواط الساعي. الجدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن تعرفة كهرباء مخصصة لشحن السيارات الكهربائية في سوريا. أما بالنسبة لمحطات الشحن العامة، فقد كان من المخطط إنشاء أول محطة شحن في دمشق في بداية عام 2024 ، كما أعلنت وكالة “سيفنتي سفن” عن خطط لإنشاء شبكة محطات شحن خاصة بها، مع تقديم عرض ترويجي يتضمن شحناً مجانياً لمدة عام كامل لمشتري سياراتها. ومع ذلك، لا تتوفر حالياً بيانات دقيقة عن أسعار الشحن في المحطات العامة في سوريا في حال تشغيلها بشكل تجاري واسع النطاق. يمكن الاستئناس بالأسعار العالمية التي تتراوح بين 0.20 إلى 0.60 دولار أمريكي للكيلوواط الساعي أو أسعار دول مجاورة كالأردن ، مع التأكيد على أن هذه مجرد مؤشرات عامة.  

أسعار الوقود التقليدي في سوريا: شهدت أسعار المحروقات ارتفاعات متتالية. ووفقاً لأحدث القرارات الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك (قرار رقم 2606 و 2607)، بلغ سعر ليتر البنزين الممتاز أوكتان 95 حوالي 13,500 ليرة سورية. أما سعر ليتر المازوت (الديزل) الحر المخصص للقطاع الصناعي والقطاعات الأخرى، فقد بلغ حوالي 11,550 ليرة سورية. وتشير بعض التقارير من فبراير 2025 إلى أن أسعار الوقود في السوق الموازية أو المناطق الحدودية قد تصل إلى ما يعادل 1.23 دولار لليتر البنزين أوكتان 95، و 0.95 دولار لليتر المازوت.  

مقارنة تقديرية لتكاليف “التزود بالطاقة”: يوضح الجدول التالي مقارنة تقديرية لتكاليف التزود بالطاقة لسيارة كهربائية متوسطة مقابل سيارة بنزين متوسطة، بافتراض مسافة سنوية مقطوعة تبلغ 15,000 كيلومتر. جدول 2: مقارنة تقديرية لتكاليف “التزود بالطاقة” الشهرية والسنوية في سوريا

البندسيارة كهربائية متوسطةسيارة بنزين متوسطة
متوسط كفاءة الاستهلاك15 كيلوواط ساعي / 100 كم (تقديري)8 لتر / 100 كم (تقديري)
سعر وحدة الطاقة (ل.س)6 ل.س / كيلوواط ساعي (شريحة منزلية 1001-1500 ك.و.س )13,500 ل.س / لتر (بنزين أوكتان 95 رسمي )
التكلفة التقديرية لقطع 1000 كم (ل.س)(15 ك.و.س/100 كم×10×6 ل.س/ك.و.س)=900(8 ل/100 كم×10×13500 ل.س/ل)=1,080,000
التكلفة السنوية التقديرية (15,000 كم) (ل.س)900×15=13,5001,080,000×15=16,200,000
*ملاحظة: الأرقام تقديرية وتعتمد على افتراضات الكفاءة وسعر شريحة كهرباء معينة. قد تختلف التكاليف الفعلية.*

تُظهر هذه المقارنة الأولية فارقاً هائلاً في تكلفة "تعبئة" السيارة بالطاقة، حيث تبدو تكلفة الكهرباء للشحن المنزلي (حتى على الشرائح الأعلى سعراً نسبياً) أقل بكثير جداً من تكلفة البنزين بالأسعار الرسمية الحالية. هذا الفارق الكبير يجعل السيارات الكهربائية جذابة للغاية من ناحية تكاليف التشغيل اليومية، شريطة توفر إمكانية الشحن المنتظم والموثوق.

تكاليف الصيانة وقطع الغيار: بشكل عام، تتطلب السيارات الكهربائية صيانة دورية أقل مقارنة بسيارات محركات الاحتراق الداخلي، نظراً لقلة الأجزاء الميكانيكية المتحركة (لا حاجة لتغيير زيت المحرك، شمعات الاحتراق، العديد من الفلاتر بنفس التواتر). ومع ذلك، يكمن التحدي الأكبر في سوريا في مدى توفر قطع الغيار الخاصة بالسيارات الكهربائية، وبشكل أخص البطارية التي تعتبر الجزء الأغلى، بالإضافة إلى ندرة مراكز الصيانة المؤهلة والكوادر الفنية المدربة على التعامل مع هذه التقنيات الحديثة. ورغم بدء ظهور بعض المراكز التي تعلن عن تقديم خدمات صيانة للسيارات الكهربائية ، إلا أن مدى انتشارها وكفاءتها لا يزال محدوداً. إن تكلفة استبدال البطارية بعد انتهاء عمرها الافتراضي تعتبر عاملاً حاسماً في التكلفة الإجمالية للملكية على المدى الطويل، ولا تتوفر معلومات واضحة حول هذه التكلفة في سوريا حالياً.  

5. التحديات التي تواجه سوق السيارات الكهربائية في سوريا

على الرغم من الاهتمام المتزايد والمزايا التشغيلية المحتملة، يواجه انتشار السيارات الكهربائية في سوريا تحديات جسيمة ومتعددة الأوجه.

البنية التحتية للشحن: يُعد غياب أو المحدودية الشديدة لمحطات الشحن العامة أحد أبرز العوائق. يعتمد المالكون المحتملون بشكل كبير على إمكانية الشحن المنزلي، وهو خيار قد لا يكون متاحاً للجميع، خاصة لسكان المباني السكنية المشتركة التي لا توفر مرائب خاصة أو نقاط شحن مخصصة. تجارب بعض المستخدمين الأوائل تشير إلى صعوبات عملية، مثل عدم وجود مداخل شحن كافية في الأماكن العامة، والاضطرار للاعتماد على وصلات الشحن الطارئة التي تكون بطيئة جداً ومكلفة أحياناً، خاصة في الفنادق أو أماكن الإقامة المؤقتة.  

موثوقية إمدادات الكهرباء: يمثل الانقطاع المزمن والطويل للتيار الكهربائي في سوريا، والذي قد يصل في بعض المدن إلى أكثر من 23 ساعة يومياً، تحدياً جوهرياً وحاسماً. هذا الواقع يجعل عملية شحن السيارة الكهربائية غير مضمونة وغير منتظمة، وقد يضطر المستخدمون إلى البحث عن حلول بديلة مكلفة وغير عملية على المدى الطويل، مثل الاعتماد على المولدات الكهربائية الخاصة (التي تعمل بالوقود التقليدي، مما يلغي جزءاً من ميزة السيارة الكهربائية) أو تركيب أنظمة بطاريات منزلية لتخزين الطاقة تكون باهظة الثمن. ومن المفارقات اللافتة أن خطط وزارة الصناعة لتصنيع وتجميع السيارات الكهربائية محلياً تبدو متعارضة مع هذا الواقع المرير لأزمة الكهرباء. فنجاح أي صناعة للسيارات الكهربائية، سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير، يعتمد بشكل أساسي على توفر مصدر طاقة موثوق وكافٍ لتشغيل المصانع ولاختبار وشحن السيارات المنتجة. بدون حل جذري لمشكلة الكهرباء، سيبقى سوق السيارات الكهربائية المصنعة محلياً محدوداً للغاية.  

القدرة الشرائية للمواطنين: على الرغم من التخفيضات الجمركية، لا تزال الأسعار الأولية للسيارات الكهربائية مرتفعة جداً بالنسبة لمتوسط الدخل السائد في سوريا. حتى الطرازات الصينية التي تعتبر “أرخص” عالمياً، قد تكون بعيدة عن متناول شريحة واسعة من المواطنين الذين يكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وظاهرة اقتناء بعض “الأبناء المدللين” لسيارات كهربائية باهظة الثمن (تصل أسعارها إلى 300 مليون ليرة سورية ) تسلط الضوء على الفجوة الكبيرة في القدرة الشرائية داخل المجتمع. وبالتالي، تبرز الحاجة الماسة إلى توفير حلول تمويلية ميسرة وبرامج تقسيط لتسهيل عملية الشراء على نطاق أوسع.  

توفر قطع الغيار ومراكز الصيانة المتخصصة: يعاني السوق السوري حالياً من نقص في الخبرات الفنية المتخصصة في صيانة وإصلاح السيارات الكهربائية. كما أن هناك تخوفاً حقيقياً من صعوبة تأمين قطع الغيار اللازمة، خاصة المكونات التكنولوجية الدقيقة مثل البطاريات ووحدات التحكم الإلكترونية، وتكلفتها المرتفعة في حال توفرها. وعلى الرغم من بدء ظهور بعض المراكز التي تعلن عن تقديمها لخدمات صيانة للسيارات الكهربائية ، إلا أن انتشارها الجغرافي وكفاءتها وقدرتها على التعامل مع مختلف أنواع الأعطال والموديلات لا يزالان محدودين للغاية.  

يمكن القول بأن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المزمن ومحدودية البنية التحتية للشحن تمثلان العقبة الأكبر والأكثر إلحاحاً أمام انتشار السيارات الكهربائية في سوريا، وتفوقان في تأثيرهما حتى عامل السعر الأولي المرتفع. فبدون توفير حلول طاقة مستدامة وموثوقة، سيبقى تبني هذه التكنولوجيا محصوراً في نطاق ضيق جداً، ولن يتمكن من تحقيق أهدافه المرجوة. ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت هناك خطط حكومية متكاملة ومتزامنة لمعالجة أزمة الكهرباء بالتوازي مع سياسات تشجيع السيارات الكهربائية، وهو ما لا تشير إليه المصادر المتاحة بوضوح حتى الآن.

6. نظرة مستقبلية وتوصيات للمستهلكين وصناع القرار

على الرغم من التحديات الكبيرة، يحمل مستقبل السيارات الكهربائية في سوريا بعض البوادر الإيجابية، ولكنه مرهون بتحقيق خطوات عملية على عدة مستويات.

التوقعات لنمو السوق في ظل المعطيات الحالية: من المتوقع أن يستمر الاهتمام بالسيارات الكهربائية في سوريا، خاصة إذا استمرت أزمة المحروقات وارتفاع أسعاره، مما يدفع المستهلكين للبحث عن بدائل. ومع ذلك، فإن النمو الفعلي لهذا السوق سيعتمد بشكل حاسم على مدى التقدم المحرز في معالجة التحديات الجوهرية المذكورة سابقاً، وفي مقدمتها تأمين إمدادات كهرباء موثوقة وتطوير بنية تحتية كافية للشحن، بالإضافة إلى جعل الأسعار في متناول شريحة أوسع من المجتمع. كانت هناك توقعات متفائلة بزيادة مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة تتراوح بين 120% و 150% خلال عام واحد من بدء تطبيق المرسوم رقم 240 لعام 2024 الخاص بتخفيض الرسوم الجمركية. إلا أن هذا التوقع يحتاج إلى تقييم واقعي في ضوء العقبات القائمة. إن استيراد طرازات بأسعار معقولة من دول مثل الصين والهند، بالتزامن مع تحسن السياسات الحكومية الداعمة وتطوير البنية التحتية، قد يساهم في تعزيز انتشار السيارات الكهربائية تدريجياً، خاصة بين سكان المدن والطبقة المتوسطة القادرة على تحمل تكاليفها الأولية.  

نصائح للمشترين المحتملين في سوريا:

تقييم واقعي لاحتياجات الشحن: قبل اتخاذ قرار الشراء، يجب على المستهلك تقييم مدى توفر مكان مناسب للشحن المنزلي، وطبيعة استخدامه اليومي للسيارة لتحديد ما إذا كانت إمكانيات الشحن المتاحة كافية.

التحقق من مدى السيارة الفعلي: يجب الأخذ في الاعتبار أن الظروف المحلية مثل حالة الطرق ودرجات الحرارة قد تؤثر على مدى القيادة الفعلي للسيارة مقارنة بالأرقام المعلنة من الشركة المصنعة.

الاستفسار الدقيق عن الضمان وتوفر قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع: هذا الأمر بالغ الأهمية، خاصة فيما يتعلق ببطارية السيارة التي تمثل الجزء الأكثر تكلفة. يجب التأكد من وجود وكيل معتمد أو مركز صيانة موثوق قادر على توفير الدعم اللازم.

التفكير في السيارات الهجينة (Hybrid) كحل وسيط: في ظل الظروف الحالية المتعلقة بالكهرباء والبنية التحتية، قد تكون السيارات الهجينة التي تجمع بين محرك كهربائي ومحرك بنزين خياراً أكثر عملية وموثوقية لبعض المستخدمين. وقد أشار خبير إلى أن سيارات تويوتا الهايبرد تتمتع باعتمادية جيدة وتوفر نسبي لقطع الغيار. وكانت مديرية نقل دمشق قد سجلت 54 سيارة هجينة حتى نوفمبر 2023.  

الصبر والبحث المتأني: سوق السيارات الكهربائية في سوريا لا يزال في مراحله الأولى، وقد تظهر عروض أفضل أو موديلات أنسب للاحتياجات المحلية مع مرور الوقت وتطور السوق.

مقترحات لصناع القرار لدعم انتشار السيارات الكهربائية:

الاستثمار المكثف في البنية التحتية للشحن: يتطلب الأمر وضع خطة وطنية لإنشاء شبكة كافية من محطات الشحن العامة، بأنواعها المختلفة (سريع وعادي)، وتوزيعها بشكل استراتيجي في المدن الرئيسية، على الطرق السريعة، وفي المناطق الحيوية.

تحسين موثوقية شبكة الكهرباء وزيادة قدرتها الإنتاجية: هذا هو الشرط الأساسي والضروري لنجاح أي خطط تتعلق بالسيارات الكهربائية. بدون كهرباء مستقرة، لا يمكن لهذه السيارات أن تكون خياراً عملياً.

تقديم حوافز إضافية (غير جمركية): بالإضافة إلى التخفيضات الجمركية، يمكن للحكومة تقديم حوافز أخرى مثل دعم أسعار الكهرباء المخصصة لشحن السيارات، أو إعفاءات من رسوم التسجيل والترخيص السنوية، أو دعم برامج تمويل ميسرة بالتعاون مع المصارف لتسهيل الشراء على المواطنين.  

دعم برامج تدريب الكوادر الفنية: لتأهيل فنيين متخصصين في صيانة وإصلاح السيارات الكهربائية، وإنشاء مراكز صيانة معتمدة ومجهزة.

تسهيل إجراءات استيراد قطع الغيار الأصلية للسيارات الكهربائية وضمان توفرها بأسعار معقولة.

وضع معايير ومواصفات فنية واضحة للسيارات الكهربائية المستوردة والمجمعة محلياً: لضمان جودتها وسلامتها وملاءمتها للظروف المحلية، والتأكد من أنها ليست سيارات مستعملة بشكل كبير أو بحالة سيئة.  

في الختام، تمثل السيارات الكهربائية فرصة حقيقية لسوريا لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، وتخفيف الأعباء الاقتصادية المرتبطة به، والمساهمة في الحد من التلوث البيئي في المدن. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الفرصة يصطدم بتحديات بنيوية واقتصادية ضخمة تتطلب استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة. إن مبادرات القطاع الخاص، مثل إنشاء وكالات متخصصة واستثمارات رجال الأعمال في هذا المجال ، تظهر وجود اهتمام وإمكانات، ولكنها بحاجة ماسة إلى بيئة تنظيمية واقتصادية داعمة ومستقرة من قبل الحكومة لتتمكن من النمو والازدهار وتحقيق الأثر المأمول في تحويل مشهد النقل في سوريا نحو مستقبل أكثر استدامة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *